الخميس، 10 أغسطس 2017

أغنية عالمية عمانية ودراما شبابية .. تخترقان الصمت

           في الأسابيع الماضية تابعت انتشار الاغنية الشبابية #عذبتوهم في وسائل الاعلام العالمية مثل bbc , cnn  وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي كاليوتيوب حيث بلغت نسبة المشاهدة خلال أسبوعين اكثر من مئتي الف مشاهده وأيضا من خلال تطبيقات مختلفة للهاتف الجوال. الاغنية مبتكرة في الشكل والأداء وحتى الموسيقى المستمدة من اغنية اسبانية شهيرة لا تزال تحتل خانة المراتب الأولى في سباق الأغاني العالمية. استطاعت الاغنية الشبابية العمانية ان تكون حاضرة وبقوة في فترة قصيرة وبلمسات قد يتفق او يختلف حولها الناس.


          
             ومع مرور أكثر من خمسة وأربعين عاما على بداية الدولة الحديثة في عمان منذ تولى السلطان قابوس مقاليد الحكم فان انتشار الاغنية العمانية ظل حبيس المكان او المحيط العماني وان زاد فهو قد يتمازج ويعبر الى دول الجوار، بينما استطاعت اغنية واحدة لشباب مغمورين في القطاع الفني ان تناطح العالمية وبجهود ذاتية غير مدعومة وهذا امر يجب الإشارة اليه والحديث عنه لما له من تأثير فاعل وملهم لقطاعات عريضة من الشباب ولأجيال جديدة تلامس احتياجاتها بالفن الجميل.

              يلاحظ أيضا غياب الاعلام الرسمي عن تغطية هذا الحدث الذي يبدو انه لا يتماشى مع عادات وتقاليد وأدوات الاعلام الرسمي من تلفزيون وإذاعة وصحافة واعلام الكتروني مع موجهاته وملامساته لتفاعل الناس، الاغنية بأسلوبها الحديث واخذ النموذج الغربي ( الراب ) لا تتماشى قطعا مع الأغاني التي احب ان اطلق عليها رسمية حيث يجب ان تنبع من العادات والتقاليد وما يعتبره المجتمع الرسمي غير خادش للحياء او متشبه بالغرب، هذا قد يطلق أيضا على اللحية الرسمية والدشداشة الرسمية والكوفية الرسمية والحديث الرسمي حتى اصبح الشخص يتحرك وهو يحمل هذه الآلية كانسان الي ليس له مساحة من الاختيار. ان قدرة الاعلام اللارسمي والعالمي قد استطاعت ان تنشر هذه الاغنية بين قطاعات الشباب والأطفال والكبار والمجتمع عامة في الوطن العربي وليس في عمان وحدها.


من جانب اخر اتابع بين الفنية والأخرى مقاطع لدراما قصيرة شبابية ومرحة حد انها أحيانا تعبث بالفكرة الأساسية مما يشتت فهم المتلقي، تتناول وبأسلوب درامي قصص وقيم من الواقع المعاش والمحيط الاجتماعي، تتناول أيضا بإشارات ولغة واضحة التعدد والتمازج في اللغة وفي أحيان طرح مواضيع لا يمكن للإعلام الرسمي ان يشير اليها من قريب او بعيد، يلاحظ اكثر ان هذه المقاطع تنتشر انتشارا سريعا بين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتصبح موضوع الحديث اما انتقادا او تندرا وفي أحيانا أخرى تستلهم منها كلمات وعبارات لتخالط المعاش واليومي.



قد تبدو للوهلة الأولى كأعمال شبابية غير مهنية وقد تبدو انها تكرر مسارها وطرحها الا انها من جانب اخر استطاعت ان تنتشر وتقدم رسالة ما بطريقة تعكس سهولة تنقلها بين فئات مختلفة من المجتمع كما اكدت حضورها عند قياس نسب المتابعين وعدد المشاهدات وتصدرها في أحيان أخرى.



ما يهم هو ان مجموعة من الاعمال المختلفة ينتجها الشباب بجهودهم الذاتية تستطيع ان تخترق جدران الصمت والمسكوت عنه بطرق ووسائل وأساليب فنية عالية الأداء والقدرة على إيصال الرسالة، وهذا مؤشر اخر على أولا عدم او استحالة احتواء الابداع وتوجيهه مثلما تريد المؤسسات الرسمية دائما وابدا وثانيا وهو مهم ان هناك اعمال قادمة وجميلة وتحتاج لتكاتف جهود الشباب ليس بدئا بالأفكار المطروحة وليس انتهاء بأدوات تنفيذها، ثالثا وهو ان على المؤسسات التي تفهم الاعلام بطريقة ما وتديره بطريقة ما وو.. ان تراجع تلك الرؤية والأدوات والوسائل وحتى الأصوات التي تهيمن عليها.

            من جانب اخر يحق للمتلقي ان يسئل وماذا بعد ذلك؟ اين المؤسسات الخاصة قبل العامة في احتضان هذه المواهب ؟ وأين المؤسسات التي تستثمر هذه المواهب التي صارت عالمية وتساهم في نجاحها المادي والمادي من خلال حقوق النشر والتوزيع وعقود الأداء وغيرها من مسلمات الصناعة الفنية التي تغيب قسرا عن الخارطة الإنتاجية في مجتمعات ما وتتنافس وتنمو في مجتمعات أخرى وتصبح المردود الأكبر لدول أخرى تصدر من خلالها رؤيتها وقيمها وافكارها وحتى هيمنتها.