الثلاثاء، 4 فبراير 2020

انشاء مركز دولي لتدريب الدراجين العمانيين





عنونت جريدة عمان أمس الثلاثاء 4 فبراير 2020 بالصفحة الرئيسية خبر انشاء مركز دولي لتدريب الدراجين العمانيين وذلك خلال استقبال صاحب السمو السيد فهد بن محمود ال سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء أمس سعادة ديفيد لابرتينت، رئيس الاتحاد الدولي للدراجات الهوائية.
بداية الخبر كتقييم لموضوعه جيد ويصب في دعم رياضة مهمة وتأصيل ثقافة مهمة أيضا وهي رياضة ركوب الدراجات في سلطنة عمان، الخبر يتطرق حول الإشادة بسباق طواف عمان السنوي الذي ينظم ضمن فعاليات مهرجان مسقط منذ ما يزيد عن العشر سنوات الماضية، وهو الحدث الذي يلقى اهتماما –حسب ما يفيدنا الاعلام– اهتماما دوليا ووضع السلطنة كأحد الوجهات المميزة التي تستضيف فيه سباق عالمي سنوي، كل ما سبق جيد ومبشر برؤية وإرادة من القيادات العليا بأهمية رياضة ركوب الدراجات بالبلد.
لتدعيم هذه الرؤية والمركز الدولي المزمع اقامته لتدريب الدراجين العمانيين يجب ان نقف على عدة محاور أو جوانب مهمة، لن أبدأ في السيرة التاريخية لركوب الدراجات في السلطنة لعدة أسباب أولها لأني لا ألم بها وثانيها لعدم وجود مادة تاريخية سهلة الوصول للمتابع وليس آخرها أيضا انني لست بصدد ذلك أو أهدف لذلك.
من خلال التجربة التي نفتخر بها في السلطنة في سباق طواف عمان السنوي العالمي لركوب الدراجات ومن خلال معطياته ونتائجه فانه يمكن القول بأنه غالبا القرارات التي تأتي من أعلى السلطة بعمل سباق أو انشاء مركز دولي أو غيرها من القرارات التي تسعى لتأصيل وفتح المجال واسعا لهذه الرياضة فأنها عادة أو غالبا لا تلامس القاع او المجتمع بعمومه لأسباب كثيرة سأورد بعضها تباعا.
 لقد مرت أكثر من عشر سنوات على سباق طواف عمان للدرجات كما أسلفت أعلاه ولم يتكون لدينا فريق وطني واحد شارك في أي سباق من تلك السباقات التي نفذت على مدار تلك الأعوام، بل لم يشارك في السباق حسب معلوماتي التي أتمنى ان تكون دقيقة أي فريق خليجي أو فريق عربي أو فريق آسيوي أو فريق أفريقي، ظل الأمر مقصورا على الدول الغربية الاوربية منها والأمريكية والكندية والاسترالية، هل هذه الرياضة مقصورة على هذه الدول فقط لمدة عشر سنوات، أعتقد أن السبب يعود إلى الشركة المنفذة والمتعاقد معها، فهي شركة فرنسية، كما أننا إلى اليوم لا نعلم عن قيمة جوائزها المالية.
 أيضا ورغم أهمية دعم هذه الرياضة وتعريف المجتمع بها وأهميتها في الصحة واللياقة وتقليل استخدام الوقود والمحافظة على البيئة إلا انه لا توجد فضاءات أو أرصفة آمنة بالشوارع لممارستها ولا توجد قوانيين لتنظيمها ولا توجد حتى مسابقات سنوية للفرق والأندية على مستوى السلطنة أو المحافظات أو الولايات بصورة دورية ومستمرة، كما لا توجد هذه الرياضة بأنشطة المدارس أو الجامعات أو المجتمع.
سأحكي قصة مجموعة من راكبي الدراجات الهوائية الذين كانوا وكنت منهم يركبون تلك الدراجات لمسافات ليس طويلة في ولاية العامرات بعد الإفطار أيام شهر رمضان، كان خط سير الفريق المتكون بالصدفة من العامرات باتجاه ولاية قريات، وكنا نسير على كتف الطريق الذي يمتلئ بالحفر مرتدين القمصان الفسفورية وملمعين دراجاتنا بالفسفور لتنبيه السائقين، ومع هذا واضبنا على ذلك، وذات مساء لم أذهب معهم لارتباط ما، طحنت شاحنة كبيرة كل أعضاء الفريق، ومن يومها تقبع دراجتي وقد غطاها التراب في مخزن المنزل.
قصة أخرى ذات علاقة، في المملكة المتحدة وقبل سنوات دفعت مبلغا رمزيا لدورة في تعليم ركوب الدراجات الهوائية لتشارك بها ابنتي ضمن الأنشطة المدرسية التي كانت المدرسة تقوم بها، كان هناك مدربين معتمدين ومحترفين، أكملت ابتني الدورة لمدة شهر ونيف داخل أسوار المدرسة مع نظرائها ونظيراتها وبعد شهر وبقيادة مجموعة من المدربين نزلوا بهم الي الشارع، كانت تجربة رائعة حصلت منها ابنتي على شهادة مبتدئ في قيادة الدراجات الهوائية.
قصة أخيرة، أخذت لإبني الصغير الذي لم يتجاوز الست سنوات دراجة هوائية، اخذته معي ليقودها في فترة العصر التي كنت أقضيها في رياضة المشي بالحديقة في المدينة، ورغم إنه يرتدي خوذة وفرح بدارجته إلا ان حارس تلك الحديقة أرجعنا وإن الأمر ممنوع وعندما ناقشته أشار الى لوحة تنبيهية كبيرة بجانب مدخل الحديقة كان فيها بأنه يمنع أصحاب الدراجات بالحديقة، اضطررت الي إرجاع الدراجة للسيارة وطيلة ذلك المساء بان الحزن على وجه ابني الصغير.

من مجموع القصص والنقاط السابقة سيكون جيدا أن تغير سياسة إدارة الموضوع، فبدلا من ان تكون من أعلى الهرم/ السلطة أن تنبع من المجتمع ومدارسه وقوانينه وتخطيط شوارعه ودعم التجارب الناجحة وعمل حملات ومسيرات بالدراجات الهوائية وأن تشجع الأندية والفرق والمدارس على إقامة ودعم هذه الرياضة، لتنمو الجذور وتخرج السيقان والأوراق وتؤتى الثمار فيما بعد.